الإنسان بين الحُب والخيانة .!!

**Admin** الخميس أغسطس 19, 2010 4:39 am

ما أروع أن يعيش الإنسان حالة حب مُلتهبة حانية ، متأججة .. يستعين بها على أنواء هذا الزمن القاسي المتوحش المُتربص ..!
ما أجمل أن ينمو في قلوبنا ذلك الشعور الدافئ الحميم المُولِّد المُستمر الدائم لطاقة الحياة .. الحُب .
ما أجمله وهو يدفعُنا لنستقبل الحياة ونُقبل عليها وعلى الأشياء برقة قوية .. أو بقوة رقيقة .
عندما نُحِب ونُحَب .. تتغير ملامح الحياة من حولنا .. نرى العالم بعيونٍ مُختلفة .. نراه جميلاً .. آمناً .. وديعاً .. نراه قريباً حميماً .. وتسقط ـ بلا مُبَرِرات مُقنعة ـ كل آثامه وجرائمه وتناقضاته في عيوننا !
عندما نُحب .. تتسع قلوبنا لكل كل البشر .. ننثر الحب والوئام من حولنا .. تكتسي أفعالنا رحمة ورقة وتسامُح وكرَم .
عندما نُحِب .. ننتشي ونشعر بكياننا ينهض ويشرئب .. يتأكد وجودنا .. نزهو ( بنا ) وكأننا ولأول مرة نلتقي ( بنا ) فنحتفي .. ( بنا ) وتحتفي بنا الحياة !!
نتطهر نحن عندما نُحب ..
وبرغم أن الحب ضعف في طبيعته ونوع من وَهَن .. إلاَّ إننا نتقَّوى بضعفنا ..أو نترقق بقوتنا ..!! وقد قيل في الحب وعن الحب الكثير .. كل الفلاسفة والمفكرون والأدباء والشعراء والعلماء والقواد والعظماء .. قالوا في الحب الكثير .. كل الفنانين والمُتفننين والمُطربين والمُضربين والمُنهقين والمُتغنجات والمُتخنثين .. أشبعوه وأشبعونا وصفاً وتحليلاً وتمحيصاً و ( تفعيصاً ) ..
بعضهم أفاد بأن الحب عناء وبهدلة وقلة قيمة ..!
وأُخريات أكدن بأنه عطاء وحنان واحتواء ولهاليب ..!
وبعضهن زعمن بأن الحب يتأكد ويتجسد بالعطاء .. بالهدايا والمجوهرات والسفرات وشمَّة الهواء ، و.. وبالفيلات السامقات والسيارات الفارهات ..!!
فنان ( ملدوغ ) أو ( مخدوع ) أعلن في أحد أفلامه لعموم الجماهير من الرجال وهو يصيح : اللي يحب مَرَه .. يبقى مَرَه ـ يقصد إمرأة !!
والبعض قالوا : إن الحب هو أروع وأعلى حالة من حالات الوهم .. أو هو روعة واهمة !
وعموماً فالحب ظاهرة إنسانية .. (حالة) وليس ( فعل ) .. حالة تستلزم إثنين لتكتمل حالة الحُب !! فالحب من طرف واحد هو حالة حب مُبتثرة غير مكتملة .. دربٌ من ( الجنون ) .. والإنسان هو المخلوق الوحيد القادر على الحب ، ذلك أن الحب لا يولد في القلب إلاَّ بعقل أو مع وجود عقل .. حيث الاختيار فعلٌ حُر من عمل العقل لا القلب .. نتصور أحياناً بأننا نقع في الحُب بلا إختيار وبلا إصرار أو تَرَصُد .. ونُعلن بأن ( الحُب أعمى ) أي لا يُميِّز في شأن هُويّة الحبيب وهيئته وربما سلوكه وتعاطيه .. وهذا تصور حقيقي إلى حد بعيد .. بيد اننا نغفل بأن من نُحب هو مرآة لذواتنا بشكل أو بآخر .. هو صورة تتوافق ومكونات نفوسنا ومقياسنا العام الذي تشربناه في سنوات التكوين للجميل والكامل والبهي والرائع والمُدهش والمُنفرد والمُتَميِّز !!
إن الكائنات الحية الأُخرى من حولنا والتى تقتسم معنا هذا العالم .. ربما تعتاد أو تتواءم وتتنافر أو تتجاذب أو تتناحر ..بالفطرة ..بقانون البقاء والحفاظ على النوع وإستمرار الحياة .. فهكذا خُلقت وعلى هذا جُبِلت .. ولكنها وبالمُطلق لا تُحب ولا تكره مختارة حيثُ الإختيار تميُّز إنساني وتلازُم عقلي ..
إلاَّ أن الحب ـ للأسف ـ محله القلب .. قلب الإنسان .. فهو كالإيمان والعقيدة ، وطالما وجد إنسان ـ أوقلب إنسان ـ وجد الحُب .. ووجدت معه العلّة والمشكلة ..
مشكلة التقلُّب والتغيُّر والنسيان .. !!
ولا أقول الخيانة .. فالخيانة لها توصيفُ مُختلف ..!
الخيانة هي ان نخفي حقيقة ما بقلوبنا عمن نُحب ..
أن نتغير أو تتبدل مشاعرنا ولا نُخطر صاحب الشأن الشريك .. الخيانة هى أن نوهم من ( كنا) نُحب .. بأننا على العهد والوعد .. بينما نحن لسنا على عهد او وعد !!
ولا أظننا نختلف على كون الخيانة على ما وصفناه نقيصة مذمومة وسلوك رخيص ..حقير خسيس ..
يقول الشاعر :
الحب يأتي إنفعالاً وليس يأتي سؤالاً وكل شئ يهون .. إلاَّ حبيب يخون
وبعد ..
أسأل نفسي ـ وأسألكم ـ بمنتهى الحَيدة والموضوعية والحب والعقل :
ما ذنب المُحب ـ الإنسان ـ لو نسيَ حبيبه في يومٍ من الأيام أوتحول عنه أو إنقلب عليه ؟
ما الجُرم وما الجريمة المُرتكبة .. لو أنَّ الإنسان .. صاحب القلب تغير .. ـ تقلّب ـ وجد قلبه يتبدَّل وتحوَّلت مشاعره .. مِن صميم قلبه وجد نفسه بعيداً عن حبيب الأمس !!
ما رأيكم دام فضلكم ؟؟؟
عن نفسي .. بكل الحب أعلن : حبيبتي أبداً لم تخُن عندما نسيني قلبها وتحوَّل وتحوّلت ..
لكنها فقط ربما ( سبقتني ) وارتدَّت إلى طبيعتنا الإنسانية التي جُبلنا وخُلقنا عليها ..!!
حبيبتي أبداً لم تخُن .. ولم تطعن .. ولم تتخلى .. ولم تكفر بي ولم تُسء الظن بي ..
حبيبتي فاضلة لأنها أعلنت موقف قلبها .. حبيبتي صادقة أمينة ..!
ولكنها فقط إستفاقت قبلي .. وسبقني إلى مُنتهى (الإنسانية) .. بكل قلبها .. ومن كل قلبها .. !
حبيبتي .. إنسان !!
وقديماً قال حكيم من حكماء العرب :
ما سُمي الإنسان إلاَّ لنسيه .. وما القلبُ إلاَّ إنه يتقلَّبُ

يوسف المنيلاوي